الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة "قضية الموسم": رياضيو النخبة يضربون عن الطعام، بسبب اللامبالاة والحرمان والنسيان!

نشر في  19 فيفري 2015  (12:33)

في الوقت الذي ينعم فيه لاعبو كرة القدم بالرواتب المنتفخة والمنح الخيالية في بطولتنا المتواضعة المتردّية، يعيش رياضيو النخبة ببلادنا وضعا صعبا وظروفا قاسية نتيجة غياب أدنى درجات الخدمات وجودة المأكولات التي يمكن أن تُقدم لأفضل الرياضيين في أي بلد في العالم.. لأجل ذلك وبعد أن ضاقت بهم السبل ولم يجدوا حلا لمشاكلهم، دخل رياضيو النخبة وأبطال العرب وإفريقيا والمتوسط في الرياضات الفردية منذ يوم الجمعة 7 فيفري في إضراب مفتوح عن الأكل بالمطعم الذي خصصته لهم وزارة الشباب والرياضية احتجاجا على نوعية الأكل وللمطالبة بتحسين الوضع في المطعم وأيضاً في مكان الإقامة خصوصا بالنسبة للذكور الذين يقطنون في الطابق الخامس بدار الجامعات والذي يفتقد حسب أقوالهم لأبسط ظروف الراحة..
بصراحة ما سمعناه وشاهدناه حول معاناة هذه النخبة من الرياضيين الذين يحملون آمالنا في الألعاب الأولمبية وبقية التظاهرات الرياضية الإقليمية والدولية الكبرى يجعلنا نطلق صفّارات الانذار على الوضعية المزرية التي وصلت اليها رياضتنا ورياضيينا..
كنا نعتقد أن عناصر النخبة تعيش في أحسن الظروف وتحظى بعناية غير مسبوقة وإلا لماذا أطلقنا عليها «نخبة» ؟!
كنا نعتقد أيضا أن مشاكل هـؤلاء تنحصر ربما في ضغط التربّصات والتمارين وأن حاجتهم الملحة هي مزيد المتابعة والتأطير والتأهيل النفسي من خلال انتداب مختصين نفسانيين يساعدونهم على الاستعداد الذهني مع البدني للمواعيد التي تنتظرهم.. لكن المفاجأة المذهلة كانت دخولهم في اعتصام مفتوح من أجل الأكل.. من أجل أكلة سليمة تتوفر فيها شروط الصحة والحد الأدنى المطلوب الذي تستوجبه وجبة رياضي ينتمي للنخبة.
المشكلة أن هذا الإضراب لم يُحرك للمسؤولين ساكنا للإجتهاد بالسرعة المطلوبة واتخاذ الإجراءات الفورية لإيقاف المهزلة، فتعدّدت الزيارات وكثرت الوعود وبقيت دار لقمان -عفوا- دار الجامعات على حالها، لنسأل : لفائدة من هذا الصمت؟ لماذا لم يقع التعامل بالجدية المطلوبة مع هذا الملف؟ ثم إذا كان هناك عقد يربط الوزارة بالطرف الذي يسيّر المطبخ ويسهر على إعداد الأطعمة لرياضيينا، لماذا لم تقع إعادة النظر في هذا العقد خصوصا وأن المبلغ الذي وقع الاتفاق عليه للوحدة الواحدة هو في حدود 5 دنانير والحال أن هذا المبلغ الزهيد لا يمكن أن نشتري به وجبة للأطفال ، أو كيلو غرام من الفلفل أو ربع دجاج من مطعم شعبي وسط العاصمة!!!!
لذلك كفانا ضحكا على الذقون وليتحمّل كل مسؤول مسؤوليته كاملة خصوصا وأن العديد من الرياضيين الذين اتصلوا بنا للحديث في هذا الموضوع أكدوا أن المشكلة ليست في الوزير بقدر ما هي في من هم تحت الوزير والمحيطين به والمؤثرون في اتخاذ القرارات في الوزارة الذين تمرّ عليهم المناقصات وكل عمليات طلب العروض الخاصة بالتزوّد والتزويد..
بصراحة لقد كانت الرياضات الفردية إلى وقت غير بعيد الأمل الوحيد للتونسيين لاعلاء الراية وتحقيق النتائج الباهرة والميداليات الذهبية والفضية في أكبر المحافل والتجمّعات الرياضية على غرار الإنجاز الكبير الذي حققته مؤخراً البطلة سارة بسباس التي فازت لأول مرة في تاريخ تونس ببطولة العالم للمبارزة بالسيف..ولكن في ظل الوضع الراهن واللامبالاة وقلة العناية بأبطالنا ورياضيينا المنتمين للنخبة لن ننجح مستقبلا في كسب الرهانات والحصول على مزيد التتويجات خصوصا وأن ما تضعه بلدان اخرى من إمكانات وما تسخّره من حوافز ومرافق وتجهيزات من أجل صنع الأبطال وتكوينهم وإعدادهم وتأهيلهم يفوق مئات المرات ما تصرفه تونس في هذه الرياضات .
نحن نعرف ان الإمكانات قليلة وندرك أن بلادنا ينطبق عليها المثل المصري الشهير « العين بصيرة واليد قصيرة» ولكن ما معنى أن تصرف عشرات المليارات على لاعبي كرة القدم في بطولة باهتة فاشلة متواضعة ولا نخصِّص ربع أو لنقلّ 10 في المائة من هذه الميزانيات للرياضات الفردية التي تحقق النجاحات الواحدة تلو الأخرى وترفع الراية وتشرّف البلاد....؟

بقلم :عادل بوهلال